كثير من الناس لا يفهمون معنى الايجابية و لا يدركون أهمية ان يكون الإنسان إيجابياً فى الحياة. الايجابية تعني مساعدة فرد آخر و الوقوف بجانبه وقت الشدة بدون طلب هذا الشخص للمساعدة. لا بد من وجود الايجابية فى المجتمع المصري كى لا ينهار المجتمع. أفضل مثال للايجابية فى المجتمع و آثارها على افراده يتمثل فى قصة النملة و الأسد.
كان الاسد ملك الغابة و عاش حياة رغيدة بعيدة عن المشكلات و الاعداء. لكن لم يعلم الأسد بوجود مستعمرة من مئات النمل تحت أرض عرينه. فى يوم ما، خرج الأسد ليصطاد فريسته كى يتغذى، و سمع النمل، ذو قوة سماعية خارقة، رجلين يضعان خطة لقتل الأسد و تحطيم عرينه. عند سماع ذلك النبأ، هرب كل النمل إلى مستعمرات أخرى تحت الأرض بعيدة عن عرين الأسد. هرب كل النمل إلا أصغرهم. أصغر النمل كانت لديها صوت عال جداً و قدرة على التحدث بألسنة جميع حيوانات الغابة. فهى كانت اذكى النمل و أكثرهم شجاعة لكن لم يقدرها بقية النمل لصغر حجمها.
فأخذت تفكر النملة فى خطة لإنقاذ مستعمرة النمل و عرين الأسد. كان الأسد ذهبي اللون و فى أعينه تظهر جلالة و عظامة الملك. رأت النملة ان الأسد العظيم لا يجب ان يُقتل فريسةً و هذه الملاحظة دفعتها إلى مواجهة الخطر كى تنقذ الأسد. فوضعت خطة و إنتظرت الوقت المناسب لتنفيذها. عندما عاد الأسد إلى عرينه، إلتهم الغزالة التى قام بصيدها ثم وضع رأسه على الأرض و نام نوم عميق قرير العين. عندما حل الظلام الدامس، شق سكون الليل صوت رجلان يتقدمان مع مرور كل دقيقة نحو عرين الأسد. فجأة، سقطت شجرة فى طريقهما و زلت قدم احد الرجال. فإستمر الرجل الآخر و معه خنجر ليقتل الأسد و يدمر عرينه. عندما كان الصائد على بعد خطوات من جسد الأسد، سمع الصائد صوت صغير عال و هجم عليه مئات من الحيوانات من كل أنحاء الغابة. و، اخيرا، سقط من السماء نسر عظيم و إلتقط الرجل بعدما أحكم أطرافه عليه و طار به بعيدا عن الغابة.
عادت كل الحيوانات الى النوم و عندما إستيقظ الاسد فى الصباح، خرج للصيد و لم يعلم ان النملة اقامت شقوق فى غصن الشجرة كى تسقط او انها أيقظت معظم حيوانات الغابة بصياحها “إنقذوا الملك!!!” إن بطلتنا الشجاعة لم تخف من الاسد او من الحيوانات الاخرى كأقاربها من النمل. بل قامت بصد مؤامرة القتل و هى تعلم ان الاسد نائما و لن يشكرها و لن يعلم أبداً انها فى تلك الليلة أنقذت حياته. فالنملة قامت بأعظم دور إيجابي رأته الغابة. قصة النملة و الأسد إشتعلت فى كل أرجاء الغابة و إستدارت على ألسنة كل الحيوانات الذين تعجبوا لسنوات عديدة من شجاعة أصغر نملة فى المستعمرة.
هناك طريقتان لفهم قصة النملة و الأسد. أولاً، يمكن فهم ان النملة تمثل الإنسان و الأسد و الرجلان و بقية حيوانات الغابة يمثلون المجتمع. رغم تأثير المجتمع عليها و هو هروب النمل فى بداية القصة، قررت النملة القرار السليم لأنها كانت شجاعة و لم تشك فى قدراتها و فكرت تفكير سليم و إعتمدت على شجاعة قلبها الصغير عندما غدروا بها اصدقائها من النمل. ثانيا، يُمكن فهم ان الأسد هو الإنسان و النملة هى أصغر مشكلاته التى تقيم فى عرينه لكنه لم يعلم بها او غض الطرف تماما عنها. قام الأسد بالصيد و لم يهتم أبداً بمستعمرة النمل. فالإنسان يذهب إلى مقر العمل أو الدراسة طوال اليوم و لا يفكر أبدا فى اصغر مشكلاته رغم وجودها احياناً امام اعينه. لكن، فى يوم ما، ستسيطر أصغر المشكلات على حياة الإنسان مثلما كانت حياة الاسد فى يد النملة. يمكن للرجلان و حيوانات الغابة ان يمثلوا مجتمع الاسد. فجزء من مجتمع الإنسان يريد ان يسيطر عليه و يتحكم فيه، كالرجلان، و الجزء الآخر يود مساعدة الإنسان، كحيوانات الغابة. و أخيرا، نرى ان الشعلة الاخيرة التى ستنقذ حياة الإنسان هى الحرية و يمثلها النسر الذى انقذ الأسد فى آخر لحظاته. مهما أردت أن تفهم القصة، كلنا نصل إلى نفس النتيجة و هى أهمية الدور الإيجابي و أصغر المشكلات التى لا نراها فى حياتنا. فأحيانا تكن المشكلات الصغيرة أكبر أهمية من ما لا نراه بوضوح. و أحياناً يكن الدور الإيجابي اكثر من واجب يجب ان تقوم به، فيمكنه ان ينقذ حياة إنسان، او اسد.
من تأليف: آية جودة التاريخ: ٣٠ يناير ٢٠١٨