ما هى المساواة؟ لقد تردد هذا السؤال على الألسنة منذ بدء الخليقة. لقد سألته الأم حين نزع تاجر الرقيق إبنها الرضيع من بين يديها. لقد سأله شعب العراق لصدام حسين و الفرنسيون للويس الرابع عشر بينما سأله المصريون للورد كرومر. لقد سألته المرأة حين أرادت حق الإنتخاب و لقد سأله الرجل المسيحي للمسلم حين رأى النار تلتهب كنيسته بكل من فيها من المصلين. فما هى المساواة؟ هل يستطيع أحداً منا ان يقول ان فى كل تلك المواقف السابقة، كنا نعرف معنى المساواة؟ هل هناك منا من أعطى المتسائل إجابة صريحة؟ لقد وضعنا قوانين لمنع تجارة الرقيق و لقد قامت الشعوب بثورة تلا الاخرى و لقد أسسنا ما يعطى المرأة حق الإنتخاب و لقد أجمعنا على اهمية الوحدة الوطنية. لكن، هل يمكننا حقا الآن ان نقول حققنا المساواة؟
المساواة تعنى الأعتراف أن لا يوجد فرق بين كل إنسان و الآخر. و فى هذه الحالة، وضع القوانين لا يكفى. إذا ألقى احدنا نظرة، لا يعميها إنحياز، على التاريخ، يراه ملوثا بالدماء و الحروب و المعارك و الظلم و القهر. لكنه يرى ايضا ان الحل الذى نراه أمامنا فى معظم الاحوال هو وضع القوانين. عندما كان معظم الشعب الأمريكي يمتلك العبيد فى القرن الثامن عشر، قرر رئيس الجمهورية منه إمتلاك العبيد. لكن، هل القوانين تعنى بعث المساواة و المحبة بين الأبيض و الأسود؟ هل عندما أعطت الممكلة العربية السعودية للمرأة حق الإنتخاب، اصبح هناك مساواة بين الرجل و المرأة؟ هل عندما بُنيَت الكنيسة بجوار المسجد فى مصر حقق ذلك المساواة بين المسلم و المسيحي؟ لا. فنحن أردنا المساواة لكننا حققنا المأساه.
المساواة لا تتمثل فى قوانين، فما هى إلا حلاً مؤقطاً لا يدوم عل مدار السنوات. المساواة تعنى نشر الأخوة و المودة بين الأفراد و الشعوب. لقد قال رسول الله (ص) “كلكم لآدم و آدم من تراب.” اراد الرسول (ص) ان يوضح لنا ان كلنا إخوة و لا ميزة لأحد على الآخر. قال الله تعالى فى القرآن الكريم “إقرأ بإسم ربك الذى خلق / خلق الأنسان من علق.” لا يقول الله أنه خلق المسلم من تلك و المسيحي من ذاك و لكن خلق كل البشر من شئ واحد. فلماذا، اذن، توجد طبقات فى المجتمع؟ لماذا توجد حروب و معارك؟ لماذا يوجد الإرهاب؟ أريد ان أطرح على القارئ سؤالا. هل توقفت السرقة و القتال عندما منعتها القوانين؟ أتوقفت الحروب حين تم إنشاء الأمم المتحدة؟ لا. و لذلك، فهو من المنطقي ان نستنتج ان القانون وحده ليس حلاً.
لا بد من ان يشعر كل إنسان بالمودة و السلام و المحبة داخل قلبه. يجب ان يدرك الإنسان ان الإرهاب ممنوع ليس لأن القانون منعه و لكن لأن لا توجد ميزة للمسلم على بقية أهل الكتاب. حين نعترف أن لا يوجد فرق بين الرجل و المرأة، الأبيض و الأسود، المسلم و المسيحي و نتعامل فى المجتمع كذلك، حينذاك سنستطيع الرد على السؤال: ما هى المساواة؟
من تأليف: آية جودة
التاريخ: ١٩ نوفمبر ٢٠١٩